قصة قصيرة ... بطولة من تكاض

بعد أن فر من زعيم قبيلة آيت كسيمة ها هو الآن في قرية يجهلها . يريد أن يكمل المسير حتى يستكشف القرية لكنه لا يقوى . فجسمه المثخن بالجروح قد نفذت طاقته و جهده . لولا رحمة الله لكان الآن في عداد قتلى المجزرة التي أقامها القايد عباس لعائلته و هي من أشرف عائلات قبيلته فهي الوحيدة التي وقفت في وجه تسلط القايد و ظلمه . لا زال يتذكر موقف داحماد النبيل عندما ساعده على الفرار و أمده بشيء من القوت . و لكن كيف إستطاع دا حماد أن يفعل هذا ؟؟ و هو أخلص أعوان القايد و أكبرهم سناً و بينما هو يتساؤل في نفسه إذ رأى راعيا يرعى الأغنام فأراد أن يقترب منه. لكن تمالكه الخوف من أن يسلمه للقايد الظالم إلا أنه سرعان ما تغلب على خوفه و تقدم إليه بخطوات متثاقلة فسأله المساعدة فتقدم إليه الراعي متسائلا:

- من أنت ؟ تبدو عليك هيئة جندي شارك في حرب شرسة

- فأجابه : أنا علي من قبيلة آيت كسيمة أستحلفك بالله أن تجد لي مكانا أختبئ فيه بعض الوقت فقد قتلت عائلتي عندما وقفت ضد طغيان القايد عباس أتعرفه ؟

- نعم ... قد سمعت به يقال أنه يملك ثروة ضخمة يمارس نفوذه على قبائل سوس و يقوم بالإغارة على كل القبائل التي تحاول مجابهته

- الخائن ... لا أستريح حتى آخذ بثأري منه

ذهل الراعي من كلام علي فعلم أن الشاب يكن عداءا لقائد قبيلته لكنه أشفق عليه و اشترط عليه أن يذهب به إلى شيوخ القرية . بعد أن ضيفه الراعي في كوخه و أكرمه إستراح قليلا و ضمد جراحه . رافقه إلى المسجد حيث يجتمع شيوخ القرية و من حسن حظه أنه وجد من بين هؤلاء الشيوخ الحاج عبد الله صديق أبيه . سأله عن أحوال الوالد فكتم أنفاسه للحظات ثم حكى له واقع المجزرة و أطلعه على ما يفكر في فعله . الثأر من الطاغوت عباس و القضاء عليه كما قضى على عائلته فطمأنه الحاج عبد الله و ضمن له اللجوء بالقرية .

مع تواليها استراح علي في ضيافة الحاج عبد الله و أخذ يفكر في أمر عظيم فبعدما رأى استقلالية القرية عن سلطة قياد القبائل . أراد أن يبدأ في تنظيم خطة لإنجاح فكرة الثأر التي تؤرقه لكنها فكرة عظيمة تحتاج لمن يدعمها . إنها "الحَرْكَة " يتساؤل في نفسه إذا كان القايد عباس قد قويت شوكته و امتد نفوذه بالقوة و الاغارة فالقضاء عليه لن يكون إلا بالقوة و السيف مر عليه شيوخ تكاض في الوقت الذي كان يفكر فيه ففطن لمرورهم ثم لحق بهم مناديا يا شيوخ تكاض ؟ فالتفتوا إليه و على وجوههم علامات الاستغراب و التساؤل ما يريد الفتى أن يبلغه لنا ؟

فاجأه الحاج عبد الله قائلا : هل إسترحت يا بني ؟؟

فرد عليه نعم أ الحاج قد كفيتم و وفيتم استرحت من التعب لكن بالي لا يستريح حتى ترتاح أرواح عائلتي الطاهرة .

فقال له أحد الشيوخ :قد علمنا مأساتك يا بني و إن الحزن ليأسر قلوبنا لما حدث لك و لعائلتك الشريفة و إننا معك في محنتك و لكن هل لك رأي في الثأر من القايد عباس ؟؟

تمالكه السرور و الطمأنينة بمجرد أن سمع كلام الشيخ ثم رد عليه قائلا :

إن الرأي عندي أن نعد فرسانا من أبناء القرية و نمدهم بالسلاح و الذخيرة فيعمدوا ليلا إلى الإغارة على قبيلة القايد ثم يحاولوا النفاذ إلى قصبته فيأسروه أو يقضوا عليه

فقاطعه أحد الشيوخ قائلا :

و إذا ما فشلوا في الأمر فانت تعلم قوة الرجل و كثرة جنده و أخشى أن لا يقدر فرساننا عليهم

فرد عليه علي : عندئذ يرجعون إلى القرية فيجدوننا قد وضعنا أمهر الرماة و القناصين متمركزين في أبراج المراقبة في أبراج المراقبة حتى إذا ما وثبت علينا جند القايد صددنا هجومهم و شتتنا جمعهم .

فقال الحاج عبد الله : نعم الرأي يا علي ثم خاطب شيوخ القرية قائلا : يا شيوخ تكاض قد علمتم أن لا سلطة لقبيلة علينا و هذا الشاب علي قد طلب النجدة و العون منا كي يوقف ظلم و طغيان القايد عباس الذي أراد قبل خمس سنوات أن يضم قريتكم لنفوذه لكنكم تصديتم له و لا شك أنه سيُغِيرُ عليكم بجنده في الأيام القادمة إذا ما علم بوجود الشاب فينا فما رأيكم ؟؟

فأجابوه جماعة : نعم نعم ... نعد العدة للقضاء عليه و على زمرته

شرع الأبطال في إعداد الخطة فجمعوا أمهر الفرسان و جعلوا على رأسهم قائدا خبيرا ب"الحَرْكَة" و الإغارة .

هاهي كتيبة الأبطال قد خرجت من تكاض الآن ... إخترقت غابة الأركان ثم "الرْمَلْ" و هاهي الآن قد اقتربت من حدود آيت كسيمة و سرعان ما لحق بهم علي مع فرقة من الفرسان الآخرين . و هنا إستفاقت "كسيمة" على طلقات البارود التي كسرت هدوء الليل و أرعبت القايد الجبان و أذنابه فماذا عساه الآن أن يفعل ؟؟ و هو أمام فرسان مسلحون بالخناجر و البارود و السيوف فحتى قواته فوجئت الآن و هي غير مستعدة للحرب . بينما كان الفرسان التكاضيون يقودون هجوما شرسا للقضاء على جند القايد . انسل علي إلى القصبة إلى قصبة عباس لقتله و هناك تقابلا فاسرع علي بطعنه ثلاث طعنات سقط معها القايد ميتا , سقط من كانت القبائل تسقط في يده, سقط من مان الرجال يسقطون أمامه من جبروته و طغيانه , لكن سرعان ما سقط البطل علي ميتا إثر رصاصة أطلقها أحد أعوان الطاغية الجبناء . فسقط كل شيء ... و لم تبقى إلا تكاض تحكي عن أمجادها و تاريخها المنسي

المجد والكرامة للشهيد علي الشاب المقتدر،والخزي والعار للقائد عباس وأعوانه.
قصة رائعة شكلا ومضمونا تكشف بأسلوب أدبي متميز جانبا من جوانب الظلم والطغيان الذي مارسه القواد الظلمة المستبدين على الأفراد والعائلات والقبائل في فترة زمنية من تاريخ بلدنا.
أشكرك مبدعنا المتألق وليد جزيل الشكر على الإبداع والإمتاع.
لك خالص مودتي وتقديري.

إبداع جميل ومتميز.لغته سليمة وأسلوبه راق.
بورك في قلمك المتألق

ننتظر بشوق كبير إبداعك الجديد.
لك خالص مودتي وتقديري.

نص جميل ومتميز
تحياتي

إبداع جميل شكلا ومضمونا.
بورك في قلمك المتميز.

بورك في قلمك المتألق.

إبداع متميز وجميل.

لكم خالص مودتي وتقديري.

إبداع جميل.

بورك فيكم جميعا.